Slide Ads

Tuesday, June 23, 2009

فصل المقــ لابن رشد ـــال كتب الفلسفة

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اليكم هذا النص المجمل لفصل المقال للعلامة ابن رشد :
فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال
(الكتاب الذي يظل حيا دفاعا عن الفلسفة)

أولا - لمحة تاريخية عن ابن رشد:
محمد بن أحمد بن محمد بن رشد الأندلسي وكنيته أبو الوليد " الحفيد "
(520- 595 هـ= 1126-1198م)، المعروف بابن رشد، عالم مسلم ولد في قرطبة
بالاندلس، من أسرة عرفت بالعلم والجاه كما عرفت عائلة ابن رشد بالمذهب
المالكي، وجده أبو الوليد محمد (توفي 1126) كان كبير قضاة قرطبة تحت حكم
المرابطين، وشغل والده ذات المنصب حتى مجيء الموحدين.
يعد ابن رشد من أهم فلاسفة الإسلام. دافع عن الفلسفة وصحح علماء وفلاسفة
سابقين له كابن سينا والفارابي في فهم بعض نظريات أفلاطون وأرسطو. درس
الكلام والفقه والشعر والطب والرياضيات والفلك والفلسفة، قدمه ابن طفيل
لأبي يعقوب خليفة الموحدين عام 1182م فعينه طبيبا له ثم قاضيا في قرطبة.
تولّى ابن رشد منصب القضاء في أشبيلية، وأقبل على تفسير آثار أرسطو، تلبية
لرغبة الخليفة الموحدي أبي يعقوب يوسف، وكان قد دخل في خدمته بواسطة
الفيلسوف ابن طفيل، ثم عاد إلى قرطبة حيث تولى منصب قاضي القضاة، وبعد ذلك
بنحو عشر سنوات التحق بالبلاط المراكشي كطبيب الخليفة الخاص.
لكن الحكمة والسياسة وعزوف الخليفة الجديد (أبو يوسف يعقوب المنصور 1184 -
1198) عن الفلاسفة، ناهيك عن دسائس الأعداء والحاقدين، جعل المنصور ينكب
ابن رشد، قاضي القضاة وطبيبه الخاص، ويتهمه مع ثلة من مبغضيه بالكفر
والضلال ثم يبعده إلى "أليسانه" (بلدة صغيرة بجانب قرطبة أغلبها من
اليهود)، ولا يتورع عن حرق جميع مؤلفاته الفلسفية، وحظر الاشتغال بالفلسفة
والعلوم جملة، ما عدا الطب، والفلك، والحساب.
وبعد أكل النيران لعصارة فكر ابن رشد إثر سخط اتهام بمروق الفيلسوف وزيغه
عن دروب الحق والهداية، عاد الخليفة فرضي عن أبي الوليد وألحقه ببلاطه،
ولكن كليهما قد توفيا في العام ذاته (1198 للميلاد)، في مراكش.
وهناك 3 مسائل مهمة في ابن رشد وهي:

1. أنه يمثل ردة الفعل الفلسفية على الهجمة القوية على الفلسفة التي أقدم
عليها الغزالي. فابن رشد يمثل محاولة رد اعتبار الفلسفة بعد أن أصابها
الغزالي في كتابه تهافت الفلاسفة ووضع هذا الجهد في كتابه تهافت التهافت.
2. ابن رشد يجسد خير من شرح مؤلفات أرسطو، وشروح ابن رشد على أرسطو هي
أفضل شروح نعرفها في تاريخ الفلسفة وهو شارح لأرسطو أكثر من كونه فيلسوفا
مبدعا ذا فلسفة خاصة، بل إن البعض اعتبروه تلميذًا لأرسطو- رغم وجود 16
قرن بينهم- مع تبنيه معظم آرائه في الطبيعة وما وراء الطبيعة.
3. قدّم نظرية أو موقف متميز وخاص ومهم في مسألة العلاقة بين الشريعة
والحكمة أي بين الدين والفلسفة وذلك في كتاب "فصل المقال وتقرير ما بين
الشريعة والحكمة من الاتصال"، المسألة التي شغلت جميع الفلاسفة من الكندي،
الفارابي، الغزالي، ابن سينا، وابن رشد. والغزالي وحده اعتقد أن الفلاسفة
يخرجون عن الدين عندما كفّرهم في قضايا ثلاث وبدّعهم في سبع عشرة أخرى. إذ
يستأنف ابن رشد موقف الكندي مع شيء من التعديل ويقول أن لا تعارض بين
الدين والفلسفة، أي لا اختلاف بين الأمرين (الشريعة والحكمة)، وإذا كان
هناك من تعارض فالتعارض ظاهري بين ظاهر نص ديني وقضية عقليه، ويرى بأن حله
متاح بالتأويل وفقا لقواعد وأساليب اللغة العربية.
عندما ننظر إلى كتاب فصل المقال لابن رشد نجد أن ابن رشد قد آخى بين الفلسفة والمنطق فجعلهما مرتبطتين.
تعريف ابن رشد للفلسفة: تعني المصنوعات التي يصنعها الصانع تدل عليه،
وكلما عرفنا الموجودات معرفة أتم تكون معرفتنا بصانعها أتم. والشرع ندب
(المندوب أي المستحب) إلى اعتبار الموجودات والنظر بها وبيان دلالتها. حيث
دعا الشرع إلى اعتبار الموجودات لأن النظر في الموجودات نظر عقلي، وهناك
أكثر من آية تشير إلى اعتبار الموجودات بالعقل
• "فاعتبروا يا أولي الأبصار"
• "أولم ينظروا في ملكوت السموات والأرض"
• "أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت وإلى السماء كيف رفعت"
• "ويتفكرون في خلق السموات والأرض"
وهذا النصوص- وفقًا لابن رشد- تشير إلى وجوب استعمال القياس العقلي.وبهذا
يتضح تشديده على كلمات النظر، والاعتبار، والتفكر، والرؤية، ويعتبرها أدلة
دينية على وجوب النظر العقلي في الموجودات. يفسر ابن رشد كلمة الاعتبار
فيقول أننا من مقدمات معلومة نستنتج نتيجة مجهولة، أي من مقدمة كبرى
فمقدمة صغرى نستنتج نتيجة، إذا سلمنا بالمقدمات الكبرى والصغرى ينتج عنها
بالضرورة نتيجة، وبهذا الشكل سوّغ ابن رشد دراسة المنطق.

يميّز ابن رشد بين أنواع الأقيسة:
القياس البرهاني: القياس الذي كلتا مقدمتاه صادقة. (وهو القياس السليم عنده) مثل: كل إنسان فانٍ..سقراط إنسان.. إذن سقراط فانٍ.
القياس الجدلي: القياس الذي إحدى مقدمتيه احتمالية أو كلتا مقدمتيه احتماليتان.
القياس المغالطي: هو القياس الذي فيه إحدى المغالطات.
أقر ابن رشد بشرعية المنطق، وأكد القياس بآية "واعتبروا يا أولي الأبصار".
ويقول ابن رشد مثل قول الكندي في أننا يجب أن نأخذ الحقائق حتى لو كان
قائلها من ملة غير ملتنا، وأن النظر في كتب القدماء واجب بالشرع وأن الفرد
لا يستطيع أن يحصل العلم وحده ويجب أن نستفيد من بعضنا البعض ومن
السابقين. شرعيا، أوجب ابن رشد النظر العقلي في القضايا التي توصل إلى
الله وينبغي أن يتوفر في من ينظر بهذه العلوم أمران:
• ذكاء الفطرة.
• العدالة الشرعية والفضيلة الخلقية.
ويقول ابن رشد إذا غوى (أي ضل وانحرف) غاوٍ بسبب النظر في الوجود لا يمكن
أن ننكر الصنعة نفسها عن الأكفاء بالنظر فيها ودراستها لأن بعض غير
الأكفاء للنظر قد أخطأ.
قال ابن رشد أيضا أن الناس مختلفون في جبلتهم فهناك أناس يجري عليهم
القياس البرهاني وأناس القياس الجدلي. نظر ابن رشد إلى العلاقة بين الدين
والفلسفة وخلاصة موقفه في المسألة:
إذا قررنا قضية مثل قضية العالم مخلوق، فلا يخلو هذا الوضع (أي خلق
الوجود) أن يكون الشرع قد سكت عنه أو قال قولا ما. اليقين الفلسفي
البرهاني حق ولا يمكن أن يتعارض مع حقيقة ذكَرَها الشرع:
• قول سكت عنه الشرع: يجوز الكلام فيه.
• قول قرر بشأنه الشرع قولا ما: إما قرر بشأنه قولا موافقا لما قدره
العقل: فلا نتكلم فيه، أو إما قرر بشأنه قولا مخالفا لما قدره العقل:
فنلجأ للتأويل.
تتلخص أطروحة ابن رشد في هذه المسألة في:
1. أن الشرع أوجب النظر بالعقل في الوجود و أوجب دراسة المنطق من ناحية
مفسرا آية "واعتبروا يا أولي الأبصار". معنى الأبصار القياس، وأوجب النظر
في الوجود من علل الموجودات.
2. الوجه الثاني أن هذا النظر ليس بدعة وينبغي أن نأخذ به و لا يمكن أن
يتحقق لفرد واحد فهو إسهام لأفراد كثيرين فيجب أن نلجأ للأمم الأخرى.
3. العلاقة بين ما يقرره العقل البرهاني وما تتفق به الشريعة، كل منهما
يعبر عن الحق، والقضايا البرهانية العقلية هي حق، وما نطق به الشرع حق،
والحق لا يضاد الحق بل يؤكده ويشهد له، أي ليس هناك تناقض بين الحكمة
(الفلسفة) والشريعة.
فيكون مرجع ابن رشد النهائي هو العقل.

قيل عنه :
• يقول لويج رينالدي في بحث عنوانه "المدينة الإسلامية في الغرب":‏
"ومن فضل المسلمين علينا أنهم هم الذين عرّفونا بكثير من فلاسفة اليونان.
وكانت لهم الأيدي البيضاء على النهضة الفلسفية عند المسيحيين. وكان
الفيلسوف ابن رشد أكبر مترجم وشارح لنظريات أرسطو. ولذلك كان له مقام جليل
عند المسلمين والمسيحيين على السواء. وقد قرأ الفيلسوف ورجل الدين
النصراني المشهور توماس الأكويني، نظريات أرسطو بشرح العلامة ابن رشد. ولا
ننسى أن ابن رشد هذا مبتدع مذهب "الفكر الحر". وهو الذي كان يتعشق
الفلسفة، ويهيم بالعلم، ويدين بهما. وكان يعلمهما لتلاميذه بشغف وولع
شديدين، وهو الذي قال عند موته كلمته المأثورة:"تموت روحي بموتِ الفلسفة
وتحيا بالروبيض من الخنا وأشعا العسيسة في الكرا".
• وفي كتابه "تاريخ موجز للفكر الحر" كتب المفكر الإنكليزي جون روبرتسون :
"إن ابن رشد أشهر مفكر مسلم، لأنه كان أعظم المفكرين المسلمين أثراً
وأبعدهم نفوذاً في الفكر الأوروبي، فكانت طريقته في شرح أرسطو هي
المثلى".‏
• وكتب المستشرق الإسباني البروفيسور ميغيل هرنانديز : "إن الفيلسوف
الأندلسي ابن رشد سبق عصره، بل سبق العصور اللاحقة كافة، وقدم للعلم
مجموعة من الأفكار التي قامت عليها النهضة الحديثة".‏
ورأى هرنانديز أن ابن رشد قدم رؤية أكثر شمولاً وإنسانية للمدينة الفاضلة.
وكان يرى أن في الإمكان قيام كثير من المدن الفاضلة، تقوم بينها علاقات
سلمية فاضلة -والمدينة هنا تكاد تعني الدولة تماماً- واعتقد أن قيام
الحروب بين الدول هو نهاية العالم.
ويقول العلامة الخزرقي عليه رحمة الله إن ابن رشد أضاء للغربيين الطريق إلى فلسفة خيالية يسطع منها نور الترديد ). وشرح الترديد بقوله الترديد نقطة في أواسط الخنا.

No comments: