Slide Ads

Tuesday, June 23, 2009

تحديات الحداثة

تحديات الحداثة

علي الجبوري

( الحداثة عملية تحرر غير مكتملة )

1-الحداثة ناتج لقطيعة حدثت في تاريخ الإنسانية ابتدأت في أوربا خلال القرون 16- 17- 18- ولكنها لم تكتمل لا في مكان ميلادها ولا في أي مكان آخر .

إن الأوجه المتعددة التي تتميز بها الحداثة تشكل مجموعة متناسقة تتماشى مع متطلبات إعادة إنتاج النسق الإنتاجي الرأسمالي غير انه بامكانها تجاوز وتعدي هذا الأخير .

تتركز الحداثة على المطالبة بتحرر الإنسان من قيود الحتمية الاجتماعية بأشكالها التقليدية السابقة وكان يدعو هذا التحرر إلى التخلي عن الأشكال المهيمنة الشرعية السلطة في إطار العائلة والجماعات والتي تنتظم داخلها نسق الإنتاج والحياة في الدولة إذا كان يتغلب عليها الطابع (( الميتافيزيقي )) الديني وبالتالي فهي تتطلب فصلا بين الدولة والدين وعلمنه جذرية كشرط لممارسة الأشكال الحديثة للسياسة لايعني هذا الفصل إسقاط العقيدة بل ما يعنيه هو رفض إخضاع العقل إلى تاويلات دوغمائية وان يترك اذن التوافق مابين العقل والعقيدة لشان التفكير الحر الفردي منهي ترفض اخضاع الدين الى السلطة والافشالية الى المجتمع ويصبح الدين اثر ذالك مسالة شخصية بحتة .

2- ليس من قبيل الصدفة كون الحداثة والراسمالية قد تزامنتا نشاة وتطورا فالعلاقات الاجتماعية الخاصة بالنظام الانتاجي الجديد للرأسمالية تستدعي حرية المقاولة والدخول الحر الى الاسواق والاعلان بالحق (( المقدس)) للملكية الخاصة . وبهذه الطريقة تخلصت الحياة الاقتصادية من وصاية السلطة السياسية التي كانت مهينمة على الانظمة السابقة للحداثة واصبحت مجالا مستقلا عن الحياة الاجتماعية يخصنع لقوانينه الخاصة لاغير 0

3- ان انتشار الحداثة بشكلها الحالي أي تحت الضغوطات الراسمالية يظل امرا تناقضيا فوعدوها تفوق قدراتها وهي وبالتالي تولد آمالا ورغبات بعيدة المنال ان لم نقل مستحيلة غير ان الحداثة خلقت دفاعا اجتماعيا ذا مقعود هائل يلخص في مصطلح التحرر ويشهد له التطور في مجال اليمقراطية السياسية ان كانت هذه الاخيرة محدودة وبفضل الحداثة اكتسبت الطبقات المستغلة والمحكومة شرعية ونالت حقوقا ديمقراطية لم تكن لتبرز تلقائيا بفعل المنطق الانتشاري والتراكمي لراس المال وقد افسحت أيضا طاقة تحول سياسي ادى الى تحرير الصراع الطبقي واقامة علاقة تكافؤ قوية بين مصطلحي السياسية والصراع الطبقي لكن في الوقت نفسه فقد خلقت وسائل تحد من قدرات الديمقراطية المحررة .

4- فالانسانية المعاصرة تواجه الان تناقصات الحداثة - الوحيدة التي تعرفنا عليها الى يومنا هذا - أي الحداثة التي بدات مع المرحلة الرأسمالية للتاريخ وتعبر هذه التناقصات عن الأبعاد الهدامة الثلاثة للرأسمالية وبالتالي للحداثة التي ترافقها 0

ان الرأسمالية وحداثتنا تهدمان الإنسان وتجعلان منه سلعة حاملة لقوة العمل والاستلاب الاقتصادي الذي ينتج من هذه الوضعية يفرغ الديمقراطية من قدراتها التحررية 0 فتتراجع اثر ذلك السياسة الحقيقية بمعنى التعبير الخلاف والفعال للإنسانية وتحل محلها ديمقراطية إعلامية وهمية ضئيلة الكثافة تتركز على إجماع هش يتحكم فيه راس المال المسيطر على النظام الاقتصادي .

5- تواجه الشعوب المعاصرة التحديات التي تفرضها عليها الرأسمالية والحداثة إما الموقف والاتجاهات التي تتبناها مختلف التيارات السياسية والأيديولوجية للعالم المعاصرة فقد نقاس مصداقيتها وفعاليتها من خلال طبيعية ومدى استجابتها لهذه التحديات .

تعمل الإيديولوجية السائدة على تجاهل هذا التحدي ويتم التعبير عن ذلك بسذاجة مطلقة بالرغم من التكلف اللغوي الذي يحتاط به دعاة الليبرالية من انجليز وأمريكان . اما اكبر الأوهام فتتغذى من الحنين الى ماضي ماقبل الحداثة . وهذا الحنين لديه المدافعون عنه سواء في بلدان المركز او في البلدان الطرفية في بلدان المركز يقتصر الحنين على أحلام الأغنياء التي تغير شيئا من مجرى الأمور بل تخلط الحابل بالنابل مستعملة ذلك كوسيلة للمد من خطورة مطالب الضحايا 0 اما في بلدان الظرف يظهر هذا الاتجاه الماضوي كتعبير عن ثورة عنيفة وشرعية تتخذ شكلا متعصبا وعاجزا لكونه مبنيا على عدم معرفة طبيعة تحدي الحداثة تتخذ الماضوية أشكالا عديدة غالبا ماتكون تاويلا دينيا اصوليا يخفي في حقيقة امره خيارا تقليديا محافظا كما انها تكون احيانا اثنيه مغلقة بمزايا خصوصية تخفي الابعاد الاخرى للواقع الاجتماعي اما القاسم المشترك لهذه الاشكال منهو في تمسكها باطروحة ثقافوية عمادها ان الديانات والاثنيات تتميز بخصوصيات مافوق تاريخية تحدد الهويات الثابتة بالرغم من ان هذه المواقف تفتقد الاساس العلمي غير انها تنجح في تجنيد الجماهير المهمشة والتائهة بفعل الآثار الهدامة للحداثة الراسمالية فتفتح الجماهير اداة فعالة في خدمة الاستيراتيجية المزدوجية للقوى المسيطرة ولو سطائها المحليين .

بشكل الإسلام السياسي مثالا حيا للكيفية سير الراسمالية في بلدان الطرف في امريكا اللاتينية وفي افريقيا (( انظر الاسلام السياسي )) .

ان تزايد (( الطوائف )) الظلامية التي تساندها اجهزة امريكا الشمالية لمواجهة يتولوجية التحرر يزيد من حيرة وضياع المهمشين ويموه من حده ثورتهم ضد الكنيسة الرأسمالية المحافظة .

في مقابل ذلك يتوجب علينا لكسب رهان الحداثة ان نعاين بجدية مدى تناقصات الحداثة التي أنتجتها الرأسمالية وان نتصور مشروع مجتمع ينظر الى المستقبل ويتغذى الماضي يتطلب مثل هذا الموقف ان تركز على حركة التاريخ في اتجاه السير الى المستقبل وليس بالتوقف عند الماضي

ان القوى الرجعية المحافظة والمسيطرة على المستوى العالمي وعلى المستويات المحلية تعمل على ابعاد المشروع غير المكتمل للحداثة بفرضها أجوبة غير مناسبة لكنها فعالة على المدة القصير بحيث تجمع إعادة إنتاج مظاهر من الماضي بمتطلبات التراكم الهدام لراس المال .

علي الجبوري

No comments: