Slide Ads

Tuesday, June 23, 2009

نحو حداثة إسلامية بين روح الحداثة وواقع الحداثة

نحو حداثة إسلامية بين روح الحداثة وواقع الحداثة

عرفت موضوعة الحداثة نقاشاً واسعاً منذ القرن ال 19إلى اليوم، لكن المنتصف الأخير من القرن الماضي عرفت شيوعاً في مجالات معرفية متعددة من الأدب إلى الفلسفة من الاقتصاد إلى السياسة. إن هذا التعدد يعني تعدداً في المقاربات المعرفية والايدلوجية والتتبع للاصدارات في هذا الزمن بالضبط سيجد موضوعة (الحداثة) طاغية في عناوينها.

إن هذا التعدد يحيلنا إلى سؤال أساسي، يشكل في نظرنا مأزقاً في الفكر العربي المعاصر وهو هل استوعبنا درس الحداثة؟ أم أن الحداثة ظلت زئبقية كلما قبضنا عليها إلا وانسلت منا وبمعنى آخر هل استطاع الفكر العربي المعاصر الحسم مع التقليد لكونه نقيضاً مع الحداثة؟ أم لا زالت ثنائية التقليد والحداثة حبلا يكبلنا من كل الجهات. من هنا تتسع رقعة القراءات المضادة بين تعدد تعريف الحداثة وتوقع قرائها، اننا في بعض الأحيان لا نمتلك الجرأة الكاملة للتحرر من الاكراهات التي تضعها الحداثة في طريقنا لا عجب إذن أن تكون الحداثة بوصلة للتيه، أي الطريق سنختار؟ هنا أو هناك؟ أمام الضغط العالمي الهائل والكيفية التي بمقتضاها نحيا حداثة مفروضة علينا.

إن هالة الكيفية هي التي تطرح علينا اسئلة انطولوجية مستفزة من قبيل هل نحن حداثيون وبأي مقاس نقيس حداثتنا. ليس هذا القياس ممتعاً في مجالات معرفية محددة كالشعر والرواية والتشكيل والعلوم الإنسانية والعمران.. بل في تماس مع اليومي في العلاقات الاجتماعية في فضاء المدينة.. قد تكون هذه الأسئلة وغيرها مقرونة بارتباطنا العميق بالدين الإسلامي وقد تكون الحداثة شكلاً من أشكال (تعارض) بين قيمها وبين القيم الدينية. هذا التعارض هو ما يعالجه د. طه عبدالرحمن في كتابه "روح الحداثة. المدخل إلى تأسيس الحداثة الإسلامية" الصادر عن المركز الثقافي العربي - بيروت - الدار البيضاء، الطبعة 8- 2006".

إن عنوان الكتاب يشكل عتبة لسؤالنا المفترض الذي طرحناه والمبني على تعارض مفترض والمؤسس لتصنيفات مفترضة كأن نقول حداثة أمريكية، حداثة فرنسية، حداثة يابانية.. وحداثة إسلامية وهل نستطيع ان نجزي الحداثة وفق الجغرافية والتاريخ؟ أم أن قيم الحداثة هي قيم كونية لا تقبل هذا التصنيف؟ إننا الآن - في قلب أطروحة د. طه عبدالرحمن. هذا المفكر المغربي المختص في علم المنطق وفلسفة اللغة والمعروف بنزوعه الصوفي وبسجاله المعلن والمضمر أحياناً مع د. حمد عابد الجابري تقول أطروحته والمصاغة بصيغة السؤال: "ما هي كيفيات تطبيق روح الحداثة في المجتمع المسلم وكيف تختلف عن وجوه تطبيق المجتمع الغربي لها" ص

32.إن هذا السؤال - الاطروحة هو العتبة الاولى من العنوان الفرعي من الكتاب أعني أن المؤلف واضح في استراتيجيته. لكن الملاحظ هنا هو حديثه عن المجتمع الإسلامي بدل المجتمع العربي أي انه يتحدث عن روح المجتمع ذاك باعتباره يستند إلى الروح الدينية المتمثلة في الإسلام. لن ندخل في الاختلافات الموجودة بين المجتمع الإسلامي والمجتمع الغربي بين الطريق إلى فهم التعارضات بينهما هو التأمل والتفكير في مفهوم الحداثة.

إن هذا التحديد عرف تعددا في ضبطه وضبط اسبابه التاريخية وغاياته فمنهم من يربط الحداثة بالتقدم الصناعي وسيادة التقنية وسيادة العقلانية وسيادة الذات ومنهم من يعتبر أن الحداثة هي قطع مع التقليد والنزوع نحو الجديد وآخرون اعتبروها قطعاً مع التراث ونزوعا نحو الديموقراطية وحقوق الإنسان والعقلانية والعلمانية.

لا يعير الباحث أي اهتمام بهالة التحديدات الأولية باعتبارها تحديدات تشييئة لذا سيضبط المفهوم من زاويتين اثنتين اولهما روح الحداثة وثانيهما واقع الحداثة، اما روح الحداثة فيحدد خصائصه في الأبعاد الثلاثة وهي: "مبدأ الرشد" و"مبدأ النقد" و"مبدأ الشمول"، اما المبدأ الاول فهو نقيض القصور (الاتباع) ويتميز بخاصيتين اساسيتين وهما الاستقلال أي الاستقلال من أية سلطة كيفما كانت نوعية هالة السلطة والابداع. اما المبدأ الثاني وهو نقيض الاعتقاد (أي التسليم بالشيء دون الاستدلال) ويفترض عنصرين اثنين وهما العقلنة والتفضيل. اما المبدأ الأخير فيفترض التوسع والتعميم.

أما واقع الحداثة فيعني به التطبيقات الممكنة لروحها في المجتمعات الغربية وهنا يخلص إلى (لا نعدو الصواب إذا قلنا بأن هذا للتطبيق الحداثي الخاص هو نفسه اتخذ في المجتمعات الغربية اشكالا مختلفة، حيث كانت لكل مجتمع حداثته الخاصة به) ص

30.إن الحداثة كما يؤكد الباحث ليست وليدة الغرب - كما يعتقد البعض - بل هي انجاز إنساني ساهمت فيه قفارات وثقافات اخرى لذا يحددها - أي الحداثة - بين حداثة داخلية وحداثة خارجية أي بين روح الحداثة وكيفيات تطبيقاتها وحينما نتحدث عن الروح فنحن نتحدث عن الاطار الخالص لمفهوم الحداثة. لا غرابة إذن أن يتوقف المجتمع الإسلامي بين هذين المستويين ليجد نفسه انه بعيد عن روح الحداثة.

المغرب - حسن إغلان

No comments: