Slide Ads

Tuesday, June 23, 2009

فلسفة الوجود والجدوى نقد ثقافة الحجر وبداوة الفكر


فلسفة الوجود والجدوى

راسلوا الكاتب-ة مباشرة حول الموضوع

لمسلم رشيد
الحوار المتمدن - العدد: 1754 - 2006 / 12 / 4

فلسفة الوجود والجدوى نقد ثقافة الحجر وبداوة الفكر
قراءة في كتاب بنسالم حميش

بهذه القولة لفيلسوف الوجودية سارتر، استهل المفكر المغربي بنسالم حميش مقدمة مؤلفه فلسفة الوجود والجدوى، نقد ثقافة الحجر وبداوة الفكر في مقدمة خصصت لمساءلة إشكالية الثقافة والمثقفين في ظل تعدد وفرة الخطابات في العالم العربي والمغرب على الخصوص• فالواقع يستفز كل ذات متأملة ومفكرة• أزمة المشهد الثقافي، تراجع الانتاج، وفرة الخطابات الفارغة••• كلها معطيات جعلت من المؤلف يقف وقفة تأمل ونقد• مستبعدا بذلك أية معالجة أكاديمية صرفة وكل موقف إرتيابي عدمي بخلاف المعالجة - التقديم - المؤسسة لمشروع ثقافي تنويري يسعى الى كشف حساب ثقافة لا من باب التراكم الكمي، بل بمقياس النمو النوعي، الذي من أهم أمارته الاشعاع والصحة وبالتالي القدرة على المنافسة والتأثير، أي على الفعل الثقافي ذي الجدارة والجدوى• فالفيلسوف المغربي بنسالم حميش يسائل المثقف والمشهد الثقافي مبرزا أحقيتنا في النقد والمجال، ملحا في تساؤله عن حالة إصابة حق راسخ مشروع، حقنا جميعا في النقد وحرية القول والتعبير، وحرية النقض وإعلان المغايرة والاختلاف، في زمن اللامعنى وسيادة اللغة الخشبية والواجهة• ذلك أننا كما يقول المؤلف غدونا منذ أكثر من عقدين في جو ملؤه التراخي والفتور، لانحسن فيه إلا سلوك الاحجام عن بعضنا بعضا او، عند الحاجة والاقتضاء، المداهنة والمواربة والتوزيع للأوسمة والتهاني• وفي كلتا الحالتين يظهر المثقف - المنتج مستقرا في فرح بنفسه مستقبلا السكوت عنه عنوانا للرضى عنه• والتفريط في حقه دليلا على قيمته الذاتية وتفوقه اللامرئي••• عوالم الحضور والغياب تتجلى بين فصول هذا الكتاب في عدة مقالات تسائل الفكر والواقع وتجعل من فلسفة الوجود حضورا متميزا لاستشكال قضايا وراهنية الانسان المعاصر مع محيطه المحلي والدولي• فصاحب المؤلف يبحر بنا في عوالم قد تظهر للبعض بمثابة أحداث جزئية ولا جدوى من طرحها•• إلا أن الزمن التاريخي يستحضر إمكانياته العلمية والتاريخية لإعادة النبش والحفر الأركيولوجي في المعرفة وما يرتبط بها من تساؤلات• فالفيسلوف ينزل من برجه العاجي لملامسة الانسان والتفكير به ومعه في انشغالاته مستحضرين عالم العلم والمعرفة وتطور التقنية• فسؤال المثقف يلازم كل العصور• فالفصل الاول من الكتاب خصص لإشكالية الهيجمونيا بين السياسة والثقافة استهله بتقديم عن مسألة الغزو والتبعية، فقد أظهرت الدراسات في الستينات والسبعينات ان عقدة التخلف الحقيقية لاتكمن - كما توهم روستوف وغيره - في فقر المداخيل وبالتالي في ضعف التوفير والاستثمار، بل في التبعية اللامنتجة للسوق الرأسمالية العالمية• أي انبناء اقتصاديات البلدان المتخلفة على سياسة التصدير والصناعات التعويضية• اما منطق القوة فيستحضر الكاتب إدوارد سعيد إذ يعيد في كتابه المميز الامبريالية والثقافة، قراءة اعمال كل من اميكار كابرال وسي• جيمس• ووالتر رودني وبالاخص معذبو الأرض لفرانز فانون فيعترف مسجلا• إن كنت قد أسهبت في ذكر قانون، فلأنه كما أعتقد يعبر مأساويا وقطعيا أكثر من غيره عن التحول الثقافي الهائل من حقل الاستقلال الوطني الى المجال النظري للتحرر• ليستخلص من خلال طرح لأمثلة ومؤلفات ناقشت نظريا ومعرفيا إشكالية القوة، إن الغرب لايريد أن نشبهه، بل يريد فقط ان نطيعه• كما يذكر بذلك أمين معلوف، في الهويات القاتلة• اما الفصل الثاني فخصص لطرح نموذجين للتدليل على ماسبق، بحيث تناول المؤلف، الفرنكفونية••• والفرنسية باستحضار الفكرة تاريخيا وسياسيا، والفرنكفونية في بعدها الصراعي• ومفارقات الفرنكفونية إذ كان ما ليس واضحا، كما يقول ريفارول، ليس فرنسيا فإن الفرنكفونية تسيء من حيث لاتعلم الى الفرنسية ذاتها، وذلك لآنها هي والوضوح أو الشفافية على طرفي نقيض• كسر قاعدة الشك المنهجي، كسر قاعدة التساوي في حيازة العقل والنور الطبيعي، كسر قاعدة التحليل والتركيب ، بالاضافة الى استحضار ماسماه المؤلف عن مأساة أدبنا الفرنسي أي ظاهرة الادب المغاربي المكتوب بالفرنسية• فهل نحن أمام قولة شيترون أن يغير كاتب لغته معناه• ان يكتب رسالة حب مستعينا بالقاموس فالادب المغربي المكتوب بالفرنسية: أدب فرنسي بأقلام مغاربة، كما يقول عبد الله العروي فإشكالية الانتاجات باللغة الفرنسية جعلت من صاحبنا أن يستحضر بالتأمل والنقد مجموعة من الاقلام ساهمت بفكرها ونظرها في لغة الآخر• كمالك حداد، العروي، جاك سيرك• كاتب ياسين - ادريس الشرايبي• أسية جبار الخطيبي، منهم من انتقد المعطيات والمضامين سواء ضمنيا او ساهم في تلميع أدب وفكر الآخر• فلسفة الوجود والجدوى تميزت بأكثر وضوح في العقل الثالث من الكتاب، المعنون، عن عقيدة القوة والزعامة في الفكر الامريكي / ضوكوياما وهنتنعنتون كمثالين لسيطرة القوة بكل أشكالها• خصص المحور الاول من الفصل، فوكويما من بوش الى هيغل، خدمة للمتغلب، فيمكن اعتبار كتاب نهاية التاريخ والانسان الخاتم لفرانسيس فوكوياما، مستشار الدولة الامريكي الاسبق• الوليد الشرعي للقراءة الامريكية لحدثين جسيمين في أواخر القرن الماضي، تصدع الاتحاد السوفياتي، وانهيار جدار برلين من جهة• وحرب الخليج الثانية من جهة أخرى• فالكتاب محاولة - حسب رأي بنسالم حميش - شبه فلسفية لتأصيل تلك القراءة نظريا وتمنيع المنتصر في تينك الحدثين حاضرا ومستقبلا ، وذلك على هدي الرئيس الأمريكي المعاصر لها جورج بوش الذي دعا على إثرها منتشيا إلى إقامة نظام عالمي جديد بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية، فحول الحدث الثاني لايتهاون المؤلف في تضمين كلامه عنه بكرهه الشديد لصدام حسين، ضريع هتلر وستالين عنده وكذلك للعالم الاسلامي، النافر طبعيا من النظام الديمقراطي الليبرالي• كما يذكر بذلك فرانسيس فوكوياما في مؤلفه نهاية التاريخ والانسان الخاتم، ليقف مؤلفا نظرة تأمل نقدية ففي زحمة تسخيره المتعسف الشاذ لفكر الفيلسوف الالماني هيغل، نراه يأتي بتبرير نظري بعدي لحرب الخليج الثانية ضد العراق، فيسجل بالحرف: إن الديمقراطية الليبرالية التي يخوض كل جيل حربا قصيرة حاسمة للدفاع عن حريتها واستقلالها ستكون اوفر ورضى من الديمقراطية التي لاتعرف غير السلام الدائم• اما الحدث الاول الذي يرى فيه فوكوياما هزيمة الماركسية - اللينينية، فإن سببه كما ينقله عن سابقيه، يرجع الى كون تلك الايديولوجية عجزت عن رفع تحديات الاقتصاد ما بعد الصناعي القائم على الخوصصة وحرية المبادرة والفكر والاتصال والبحث العلمي• ويزيد على ذلك سببا آخر يحسبه من بنات أفكاره، هو الماثل عنده في تفوق هيغل على ماركس من حيث إن صاحب المثالية المطلقة ذهب الى القول ان المحرك الرئيسي لتاريخ البشر ليس هو العلوم الطبيعية الحديثة او النمو المطردي في الرغبات الذي يدفع بهذه العلوم الى الامام - كما عند ماركس - وإنما هو حافز غير اقتصادي بالمرة• فهذا التأويل معيب في نظر المؤلف، ذلك أنه مطبوع بالابتسار وسوء الطوية، إذ انه يتعامل مع ماركس بكثير من القبليات والاحكام المسبقة، كما أنه غير دقيق معرفيا ونصيا، وعلى صعيد تاريخ الافكار والمقولات، إنه تسخير هيغل حتى التعنيف في نظر مفكرنا• فالمثالية لاتلقننا كما يقول لينين إلا أحسن طريقة لنصاب بصداع في الرأس•

No comments: