الحداتة في الفكر العربي المعاصربين الابداع والجمود
راسلوا الكاتب-ة مباشرة حول الموضوع
لمسلم رشيد
الحوار المتمدن - العدد: 1339 - 2005 / 10 / 6
"قد يتوجب محاولة القيام بجينيالوجيا الحداثة كسؤال، أكثر مما يجب التحديد الجينيالوجي لمفهوم الحداثة"
ميشيل فوكو.
نعيش في عالم يحضى بثورة غير مسبوقة همت عالم التقنية والثكنولوجيا والتطور المعلوماتي...في ضل الاهتمام بتاريخ الأفكار والمنظومات الفكرية من خلال تأسيس لعالم أفضل مؤسس على مفاهيم الديموقراطية وحقوق الإنسان والتنمية.ومع هذا كله نعيش أيضا ضعف الابحات والدراسات التي تؤطر نمط الحياة والعيش .في المقابل تظهر شعارات سياسية تستغل مفاهيم العصر لتحقيق رغبات اجتماعية ونفسية.والعالم العربي الإسلامي لم يخرج من هدا السياق دلك أن الانتقال من ثقافة الشعارات إلى التحليل العقلي المنهجي يتطلب مزيد من الجهد لجعل مسألة المفاهيم أداة أساسية لتحقيق تقارب بين ماهو نظري وعملي.لتنوير الإنسان العربي والخروج به من واقع التخلف والاستبداد والأصولية...
انطلاقا مما سبق تطرح بإلحاح كبير إشكالية الحداثة والتحديث في الفكر العربي .وعلاقاتها الصميمية بمفهوم الديموقراطية والعلمانية..ودلك في ضل الوضع الراهن الذي يفرز أفكارا معادية للعقل و العقلانية.أفكار تهدم ما بنته عقول ومنابر الحرية و القد والاختلاف..
ادن ما هي الاطروحات الفكرية التي تساعدنا على بلورة فكر حداتي؟ ما أهمية العقل والنقد في جعل الحداثة تحقق ابداعا مستنيرا؟ وكيف تعامل العقل مع الترات و التقاليد ومساءلة المقدس و اللامفكرفيه في تقافثنا العربية و الإسلامية؟
إذا كانت الحداثة وريثة النهضة وحفيدة التنوير، تلك اللحظات التاريخية والحضارية التي أثرت في فكر المجتمع الغربي ومن بعده فكر الإنسانية. لقد نجحت الحداثة في أن تقطع مع الماضي وتخلص أوربا من فكر العصور الوسطى. وكما يذكر ذلك المفكر محمد سبيلا، أن الحداثة كمصطلح نوعي تشير إلى جملة التحولات الاقتصادية والسياسية والفكرية التي حدثت وتبلورت في الغرب. وهذا المفهوم يعني الحداثة هي العقلنة، أي تنظيم وضبط الحياة الاجتماعية والاقتصادية والفكرية ضبطا عقلانيا، أي على هدى العقل، وكذا إخضاع كل شيء لفحص العقل، فلا شيء يعلو على العقل أو يشد على سلطته، بما في ذلك مجال المعتقد والمقدس لا الاجتماعي والسياسي فقط. فإلى أي حد كان للعقل دور في جعل الثقافة العربية والإسلامية تستيقظ من سباتها العميق؟ وهل خضع الثرات والدين والتقاليد لمحكمة العقل وسلطته؟.
إننا نطرح مثل هذه الأسئلة المشروعة، لنسائل العقل العربي عن مدى استلهامه للفكر الحداثي، ومدى تشبعه بالمناهج العلمية التي ساعدت العقل الأوربي من تحقيق تقدم والمساهمة في إبداع جهاز مفاهيمي ودلالي حسب مناهج بحثية صرفة.
فالدعوة إلى إعمال العقل في القرآن يعلمها الجميع، كما يبين الدكتور حسن حنفي، فقد ذكر العقل ومشتقاته في القرآن الكريم تسعا وأربعين مرة. أكثرها في صيغة( أفلا تعقلون) (لعلكم تعقلون). وفي العلوم الإسلامية ظهر العقل أساس للنقل في علم أصول الدين عند المعتزلة، ومن يقدح في العقل يقدح في النقل عند الفقهاء.
وكما قال ابن تيمية[موافقة صحيح المنقول الصريح المعقول]. والدليل العقلي في نظر حسن حنفي_ يقيني في حين أن الدليل النقلي ظني. ويمكن البرهنة على صحة العقائد كلها بالعقل ومن ضمن العقليات اليقينية في علم العقائد الإيمان بأن الإنسان عاقل حتى تكون حريته مسؤولة. ولكن نظرا لسيطرة الدولة واستتباب الأمن أرادت أن تعطى الأولوية للنقل على العقل. فالنقل يحتاج إلى سلطة تفسره والعقل يرفض كل سلطة. النقل له فقيه يدافع عنه ويرعاه باسم السلطان، والعقل لا يعتمد إلا على نفسه، يجهر بالحق، ويحمل لون الفكر الحر، وهو الذي له سلطان على كل شيء. إنها صورة شارحة للأفكار ذات الدلالات الإبستمولوجية التي تؤطر الشخصية العربية، الإسلامية، هذه الأخيرة التي تعيش في تمزق نفسي واجتماعي. مرده لتضارب واختلاف الجهاز المفاهيمي تجد: تقابلات مثل: العقل/ النقل، الدولة/ الأمير، الإبداع/ الجمود، الثرات/ الحداثة، الأصالة والمعاصرة...
من هنا ربط سبيلا تجربة الحداثة عند العرب بتجربة الصدمة الاستعمارية، فهما متقارنتان ومتلازمتان، ومن ثمة يمكن أن نقول بأن الحداثة العربية ارتبطت بالعنف وبالغزو الاستعماري فالحداثة في نظره برانية لا جوانية. حداثة مرتبطة بالصدمة والردة وانكسار الوعي، واحتلال الأرض، ومنذ ذلك الوقت والعرب يتخبطون ممزقين بين صورتهم عن أنفسهم كأحسن أمة أخرجت للناس وأرسلت عبرها وبواسطتها آخر الرسالات. ولهم أعرب وأعظم وأجمل اللغات وبين واقعهم المتردي والمتدني في الرقعة العالمية من تخلف اقتصادي وتبعية سياسية وتأخر فكري، فالوعي التاريخي العربي هو وعي محروج، وعي نازف بين التماعات العصر الذهبي ودماء الاستعمار وأنات التبعية وتلكؤات التخلف.
فالوعي العربي وعي شقي. يحمل رواسب ماضيه ويستقر في أفكار تستفز شخصيته وواقعه الاجتماعي والاقتصادي. أوربا حسمت مع ماضيها وقرونها الوسطى. حققت ثورة على جميع المستويات الثقافية والسياسية والاقتصادية والفنية، العرب اليوم يستنشقون نوعا من الحرية، حرية مشحونة بهواء الإبداع في المقابل نجد حراس الأفكار الجاهزة والتقاليد الماضية، عقول همها الحفاظ على الجمود في كل شيء. وجعل الثقافة العربية ثقافة المطلقيات، فلا مجال للبحث في اللامفكر فيه أو المقدس. أم أننا أمام صوت عبد الله العروي عندما يدعونا إلى أن نودع نهائيا المطلقات جميعها، وأن نكف عن الاعتقاد أن النموذج الإنساني وراءنا لا أمامنا. وأن كل تقدم إنما هو في جوهره تجسيد لأشباح الماضي وأن العلم تأويلا لأقوال العارفين، وأن العمل الإنساني يعيد ما كان، لا يبدع ما لم يكن، بحيث لا يمكن لأحد أن يدعي، فردا. كان أو جماعة أنه يملك الحقيقة المطلقة عن طريق الوحي والمكاشفة وبفرضها على الآخرين...
أسئلة الحداثة تصب جميعها في مساءلة الوضع والراهن الفكري والسياسي العربي، فحاجتنا الضرورية لفكر حداثي مؤسس على روح الإنعثاق وغايته تحقيق ثورة مفهومية على مستوى إبداع المفاهيم، وثورة معرفية تمس الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وفعل سياسي يحقق الديموقراطية والتنمية وتفعيل ثقافة حقوق الإنسان، والكل مؤ طر في ابيستيمي حديث يشمل العقل والنقد والحرية والوعي، والرأي الأخر.
فكما رفض سقراط نمو غائية الفكر الذي يسيطر في أثينا القديمة. ورفض ديكارت فكر العصور الوسطى، بفتحه الباب على مصراعيه أمام حداثة الغرب، فالعرب اليوم أمام تحديات فكرية وعلمية واقتصادية تسائل بكل جرأة واقعهم ومستوى تفكيرهم ومساهمتهم في الإبداع العالمي والإنساني.
ميشيل فوكو.
نعيش في عالم يحضى بثورة غير مسبوقة همت عالم التقنية والثكنولوجيا والتطور المعلوماتي...في ضل الاهتمام بتاريخ الأفكار والمنظومات الفكرية من خلال تأسيس لعالم أفضل مؤسس على مفاهيم الديموقراطية وحقوق الإنسان والتنمية.ومع هذا كله نعيش أيضا ضعف الابحات والدراسات التي تؤطر نمط الحياة والعيش .في المقابل تظهر شعارات سياسية تستغل مفاهيم العصر لتحقيق رغبات اجتماعية ونفسية.والعالم العربي الإسلامي لم يخرج من هدا السياق دلك أن الانتقال من ثقافة الشعارات إلى التحليل العقلي المنهجي يتطلب مزيد من الجهد لجعل مسألة المفاهيم أداة أساسية لتحقيق تقارب بين ماهو نظري وعملي.لتنوير الإنسان العربي والخروج به من واقع التخلف والاستبداد والأصولية...
انطلاقا مما سبق تطرح بإلحاح كبير إشكالية الحداثة والتحديث في الفكر العربي .وعلاقاتها الصميمية بمفهوم الديموقراطية والعلمانية..ودلك في ضل الوضع الراهن الذي يفرز أفكارا معادية للعقل و العقلانية.أفكار تهدم ما بنته عقول ومنابر الحرية و القد والاختلاف..
ادن ما هي الاطروحات الفكرية التي تساعدنا على بلورة فكر حداتي؟ ما أهمية العقل والنقد في جعل الحداثة تحقق ابداعا مستنيرا؟ وكيف تعامل العقل مع الترات و التقاليد ومساءلة المقدس و اللامفكرفيه في تقافثنا العربية و الإسلامية؟
إذا كانت الحداثة وريثة النهضة وحفيدة التنوير، تلك اللحظات التاريخية والحضارية التي أثرت في فكر المجتمع الغربي ومن بعده فكر الإنسانية. لقد نجحت الحداثة في أن تقطع مع الماضي وتخلص أوربا من فكر العصور الوسطى. وكما يذكر ذلك المفكر محمد سبيلا، أن الحداثة كمصطلح نوعي تشير إلى جملة التحولات الاقتصادية والسياسية والفكرية التي حدثت وتبلورت في الغرب. وهذا المفهوم يعني الحداثة هي العقلنة، أي تنظيم وضبط الحياة الاجتماعية والاقتصادية والفكرية ضبطا عقلانيا، أي على هدى العقل، وكذا إخضاع كل شيء لفحص العقل، فلا شيء يعلو على العقل أو يشد على سلطته، بما في ذلك مجال المعتقد والمقدس لا الاجتماعي والسياسي فقط. فإلى أي حد كان للعقل دور في جعل الثقافة العربية والإسلامية تستيقظ من سباتها العميق؟ وهل خضع الثرات والدين والتقاليد لمحكمة العقل وسلطته؟.
إننا نطرح مثل هذه الأسئلة المشروعة، لنسائل العقل العربي عن مدى استلهامه للفكر الحداثي، ومدى تشبعه بالمناهج العلمية التي ساعدت العقل الأوربي من تحقيق تقدم والمساهمة في إبداع جهاز مفاهيمي ودلالي حسب مناهج بحثية صرفة.
فالدعوة إلى إعمال العقل في القرآن يعلمها الجميع، كما يبين الدكتور حسن حنفي، فقد ذكر العقل ومشتقاته في القرآن الكريم تسعا وأربعين مرة. أكثرها في صيغة( أفلا تعقلون) (لعلكم تعقلون). وفي العلوم الإسلامية ظهر العقل أساس للنقل في علم أصول الدين عند المعتزلة، ومن يقدح في العقل يقدح في النقل عند الفقهاء.
وكما قال ابن تيمية[موافقة صحيح المنقول الصريح المعقول]. والدليل العقلي في نظر حسن حنفي_ يقيني في حين أن الدليل النقلي ظني. ويمكن البرهنة على صحة العقائد كلها بالعقل ومن ضمن العقليات اليقينية في علم العقائد الإيمان بأن الإنسان عاقل حتى تكون حريته مسؤولة. ولكن نظرا لسيطرة الدولة واستتباب الأمن أرادت أن تعطى الأولوية للنقل على العقل. فالنقل يحتاج إلى سلطة تفسره والعقل يرفض كل سلطة. النقل له فقيه يدافع عنه ويرعاه باسم السلطان، والعقل لا يعتمد إلا على نفسه، يجهر بالحق، ويحمل لون الفكر الحر، وهو الذي له سلطان على كل شيء. إنها صورة شارحة للأفكار ذات الدلالات الإبستمولوجية التي تؤطر الشخصية العربية، الإسلامية، هذه الأخيرة التي تعيش في تمزق نفسي واجتماعي. مرده لتضارب واختلاف الجهاز المفاهيمي تجد: تقابلات مثل: العقل/ النقل، الدولة/ الأمير، الإبداع/ الجمود، الثرات/ الحداثة، الأصالة والمعاصرة...
من هنا ربط سبيلا تجربة الحداثة عند العرب بتجربة الصدمة الاستعمارية، فهما متقارنتان ومتلازمتان، ومن ثمة يمكن أن نقول بأن الحداثة العربية ارتبطت بالعنف وبالغزو الاستعماري فالحداثة في نظره برانية لا جوانية. حداثة مرتبطة بالصدمة والردة وانكسار الوعي، واحتلال الأرض، ومنذ ذلك الوقت والعرب يتخبطون ممزقين بين صورتهم عن أنفسهم كأحسن أمة أخرجت للناس وأرسلت عبرها وبواسطتها آخر الرسالات. ولهم أعرب وأعظم وأجمل اللغات وبين واقعهم المتردي والمتدني في الرقعة العالمية من تخلف اقتصادي وتبعية سياسية وتأخر فكري، فالوعي التاريخي العربي هو وعي محروج، وعي نازف بين التماعات العصر الذهبي ودماء الاستعمار وأنات التبعية وتلكؤات التخلف.
فالوعي العربي وعي شقي. يحمل رواسب ماضيه ويستقر في أفكار تستفز شخصيته وواقعه الاجتماعي والاقتصادي. أوربا حسمت مع ماضيها وقرونها الوسطى. حققت ثورة على جميع المستويات الثقافية والسياسية والاقتصادية والفنية، العرب اليوم يستنشقون نوعا من الحرية، حرية مشحونة بهواء الإبداع في المقابل نجد حراس الأفكار الجاهزة والتقاليد الماضية، عقول همها الحفاظ على الجمود في كل شيء. وجعل الثقافة العربية ثقافة المطلقيات، فلا مجال للبحث في اللامفكر فيه أو المقدس. أم أننا أمام صوت عبد الله العروي عندما يدعونا إلى أن نودع نهائيا المطلقات جميعها، وأن نكف عن الاعتقاد أن النموذج الإنساني وراءنا لا أمامنا. وأن كل تقدم إنما هو في جوهره تجسيد لأشباح الماضي وأن العلم تأويلا لأقوال العارفين، وأن العمل الإنساني يعيد ما كان، لا يبدع ما لم يكن، بحيث لا يمكن لأحد أن يدعي، فردا. كان أو جماعة أنه يملك الحقيقة المطلقة عن طريق الوحي والمكاشفة وبفرضها على الآخرين...
أسئلة الحداثة تصب جميعها في مساءلة الوضع والراهن الفكري والسياسي العربي، فحاجتنا الضرورية لفكر حداثي مؤسس على روح الإنعثاق وغايته تحقيق ثورة مفهومية على مستوى إبداع المفاهيم، وثورة معرفية تمس الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وفعل سياسي يحقق الديموقراطية والتنمية وتفعيل ثقافة حقوق الإنسان، والكل مؤ طر في ابيستيمي حديث يشمل العقل والنقد والحرية والوعي، والرأي الأخر.
فكما رفض سقراط نمو غائية الفكر الذي يسيطر في أثينا القديمة. ورفض ديكارت فكر العصور الوسطى، بفتحه الباب على مصراعيه أمام حداثة الغرب، فالعرب اليوم أمام تحديات فكرية وعلمية واقتصادية تسائل بكل جرأة واقعهم ومستوى تفكيرهم ومساهمتهم في الإبداع العالمي والإنساني.
No comments:
Post a Comment